كتب: عدنان نصار * -
بين متشائم ، وغير سعيد ، وطرف ثالث يقف على الحياد ، اظهر نتائج أحدث استطلاع أجراه مركز الدراسات في الجامعة الاردنية ، الصورة شبه المطابقة لحقيقة المجتمع الأردني، الذي يرزخ بين لهب البطالة ، واكتواء الفقر ، ونار ترد الاقتصاد ، ورزالة الفساد ..صورة ليست مثالية لمجتمع كان حتى وقت قريب (ربع قرن) يشار اليه بالبنان إعجابا بالدولة والشعب من الداخل عبر صور المديح الشعبي الفطري والعفوي لنقاء الدولة ، وتفاؤل الشعب الدائم ..صورة انتزعت أيضا إعجاب دول الجوار حتى وصل إلى الجار السابع من الدول الشقيقة ، والصديقة ..
راهنا ، ووفق ما قبل استطلاع مركز الجامعة الاردنية ونتائجه الواقعية ،والملامسة لنبض الشارع ، كان الناس يشعرون بخيبة الامل من كل محاولة جديدة تجيء بها الحكومات السابقة ،بما في ذلك حكومة بشر الخضاونة التي ايضا ووفق نبض الشارع في غالبيته تعد ابرز الحكومات التي لفظت انفاسها قبل ولادتها قبل نحو سنتين ونصف ..
لا نهوى النقد ، لمجرد النقد ..غير ان المؤشرات العملية والميدانية والمنجز على ارض الواقع يعطي دلالة واضحة ان الناس على حق في عدم تفاؤلهم ، وهم على حق ايضا بعدم سعادة نحو 70% من الناس وفق ما يقوله الاستطلاع ذاته ،ناهيك عن مستوى التشاؤم الشبابي وغياب الأمل من إحداث اي نقله نوعية ،أو حتى بأبسط حقوقها في المدى القريب .
لسنا من دعاة التشاؤم ، ونحرص على إلتقاط اي بارقة أمل ببراعة ونبني عليها ، لكن، ببساطة حتى الأمل نحاول أن نصنعه ونغلفه ونبني عليه ،غير أن الفاقدين لفحولتهم الوطنية في الجانب الرسمي يصرون دائما على بذر التشاؤم عبر تصريحات وكلام يخلو تماما من احترام ذكاء الناس ، ولا يتفق مع صبرهم ، وبساطة احلامهم .!
ما أشار اليه استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية ، هو انعكاس لواقع مرير لشعب صابر ،وحكومات لا تتقن سوى التنظير ..وهو انعكاس فيه مذاق العلقم لناس حاولوا قدر الممكن وإمكانيات بسيطة تتطويع العلقم وتحويله إلى مذاق سلس ، لكن في كل مرة تنشط الحكومات وبالطبع بما فيها حكومة بشر إلى ابقاء المذاق المر طافيا على سطح ماءنا وغذائنا ودوائنا، وربما هوائنا الذي يمر فوق رؤوسنا..!
يبدو ،ان الحكومات كانت تتقصد استفزاز الناس ، كنوع من الاختبار ..ويبدو ان الحكومات الخمسة الاخيرة والحكومة الحالية انتهجوا نفس المسار ، وذات الخطى ،وقرأوا ابجديات الإدارة والسياسة عند شيخ واحد ..،فيما تعددت وسائل ومسارات الصبر عن الناس ليس لاجلهم ،بل لأجل دولة احبوها وما زالوا يعلقون الأمل على غد افضل ،لكن ليس على طريقة ما قاله رئيس الحكومة :"القادم أجمل.." والله نسأل اللطف بالدولة والناس.
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.