نصار يكتب: حزب العمال ..حراك شعبي وقفزات ناجحة تتخطى التقليد.و"الشراكة والانقاذ" خرج من السباق ، وأحزاب تبحث عن أعضاء.!
كتب: عدنان نصار * -
ما ان أعلن رسميا عن نجاح مؤتمر حزب العمال الأردني، وتخطيه حاجز (النصف +واحد) في مؤتمره التأسيسي قبل اقل من اسبوعين ،حتى سارع الحزب بانضباطية والتزام إلى قراءة مشهد ما بعد التأسيس بحرفية وهدوء ،بعيدا عن أي صخب او ضوضاء .
وبهدوء الصابرين ، وتأمل الحالمين، وخطى المتوكلين ، حمل الحزب بأمانته العامه والأعضاء بمختلف مشاربهم الفكرية ،والثقافية ، والسياسية ..حمل الحزب ملف المتطلعين إلى غد افضل ، وهموم الصابرين ، وأدعية الشاكرين ، ليمثل الحزب تطلعاتهم وسط ضجيج تضارب المصالح ، وقوى الشد العكسي التي تسعى منذ أمد بعيد إلى عرقلة تحديث المنظومة السياسية ، ومحاولات بائسة لخلخلة الأمل في نفوس الناس المتأملة والحالمة بغد افضل.
ووفق قراءات في المشهد الحزبي الأردني، وانعكاساته الشعبية التي فقدت الثقة نسبيا باي عمل حزبي استنادا إلى تجارب سابقة ، تمكنت أحزاب سياسية ملتزمة بخطها الوطني ومن ضمنها حزب العمال الأردني من إعادة الثقة المفقودة ، وترتيبها وتمتينها ضمن قراءة تحليلية للمشهد الحزبي ، والغوص في أحلام الناس واوجاعهم كوظيفة رئيسية لأي حزب سياسي ينحاز إلى تطلعات الوطن والناس .
وبصرف النظر عن خروج حزب "الشراكة والانقاذ" الذي أعلنت الهيئة المستقلة عن اعتباره حزبا منحلا وخروجه من السباق بعد انتهاء مدة التصويب ، الا ان "الشراكة والانقاذ" على ما يبدو سيبقى قائما بصورته الشعبية وله انصاره ، القريبين في القول والفعل مع افكار وبرنامج حزب العمال .
وفي قراءة صحفية ، لمشهد الشارع الشعبي الاردني ورؤيته للأحزاب ،فقد اتسع نطاق النفد الشعبي لأحزاب قائمة ، واحزاب على الطريق ، وصارت الهوة في النقد اكثر اتساعا كلما ظهرت اسماء جديدة تعكف على تأسيس حزب سياسي ..فالكيان الفردي الانساني ، وبمشروعية له الحق في قراءة الضمائر الوطنية والخروج بخلاصة بحكم تجربة الناس ودرايتهم باحزاب سياسية انشأت قبل ربع قرن وماتت قبل بلوغ سن الرشد ..هذه التجارب ، وهذه الدراية الشعبية ليست جديدة على الناس فقد اكتسبوها بالخبرة التراكمية "المتأدلجة" بالفطرة الشعبية .
بساطة طرح حزب العمال ، وأناقته الفكرية والتزامه بقضايا الوطن والناس ، قلبت المعادلة وتمكنت من إعادة الثقة النسبية بين الناس والرؤى الحزبية ضمن إطار تشاركي ،بعيدا عن "السيد والعبد" وايضا بعيدا عن نفوذ الأسماء ومواقعها الوظيفية المتقدمة ، فأكبر وظيفة رسمية شغلته الأمين العام للحزب د.رولا فرا الحروب ، عضويتها في البرلمان ، فيما يعتبر زوجها د.رياض الحروب البعيد في الحزب عن الاضواء والاعلام ، احد أبرز صناع الصحافة الورقية في الاردن ولعل تجربة يومية " العرب اليوم" التي انطلقت في عددها الأول بتاريخ (1997/5/17) ما زالت ماثلة إلى الآن وتسكن في ذاكرة الناس .
حتى قبل ربع قرن تقريبا ، كان المكون الاجتماعي الاردني يعاني من عدم صدقية احزاب سياسية ، مما ادى بالنتيجة الى ما يمكن تسميته "بالكفر الشعبي الحزبي" كنتيجة طبيعية لعدم صدقية تلك الاحزاب وقياداتها مع المجتمع وقواعدهم الشعبية ..راهنا ، على ما يبدو تلوح في الافق صدقية تتفق مع هوى الناس عند أحزاب سياسية محددة ، فيما ظل عامل "الكفر الشعبي الحزبي" قائما في الشخصية الجوانية للناس الذين يقيمون الأشياء جيدا استنادا إلى خبرتهم التراكمية .
ويبقى السؤال الكبير : كم حزب سيبقى في الساحة استنادا إلى صدقيته ، وكم حزب سيغادر بعد ان شغل الناس أجهزة الانذار المبكر في دواخلهم لكشف المخبوء في الصدور ."؟
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.