الحملة ضد بائعي البسطات في اربد والتضييق عليهم .. تجديف بعكس التيار ؟؟!!!
كتب: معين المراشده * -
في الوقت الذي وجه به جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، الحكومة بإصدار قانون العفو العام والسير بمراحله الدستورية، بما يسهم في التخفيف من التحديات والضغوطات التي تواجه المواطنين، ولإعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم، وذلك حرصا على المواطنين الذين ارتكبوا أخطاء وباتوا يعانون ظروفاً صعبة في ظل تأكيد جلالته على ضرورة أن يسهم قانون العفو العام في التخفيف من الأعباء التي تثقل كاهل المواطنين، ويساعد في التخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يمرون بها، وذلك حفاظا على كرامتهم وطيّ صفحة من صفحات الحياة الصعبة التي مرّوا بها، وتشديده على أهمية قانون العفو العام في ترسيخ مفهوم التسامح والعفو عند المقدرة، معرباً عن أمله في أن يسهم العفو العام في تنمية روح الانتماء للوطن وتعزيز مفهوم الأمن الاجتماعي، بحيث يشكل هذا العفو فاتحة خير لهؤلاء القابعين في مراكز الإصلاح والتأهيل ليعودوا إلى حياتهم وأعمالهم وبيوتهم وأطفالهم وذويهم مجددا...
وفي الوقت الذي يقر به مجلس النواب مشروع قانون العفو العام اليوم الثلاثاء والذي احالته الحكومة بصفة الاستعجال استجابة للتوجيهات الملكية السامية تخرج علينا الحاكمية الإدارية في محافظة إربد ممثلة بمحافظها بتصريحات صحفية تزامنت مع إقرار مجلس النواب لمشروع قانون العفو العام مفادها أنه تم تنفيذ حملات على أصحاب البسطات في مدينة إربد تم من خلالها إزالة ستين بسطة والتحفظ إداريا على عشرين شخصاً من أصحاب تلك البسطات، هو أمر انعكس سلباً على أفراد تلك الأسر في هذه الأيام الفضيلة خاصة وأن توجيهات جلالة الملك بإصدار قانون العفو العام قد أدخلت الفرح والبهجة والسرور إلى معظم بيوت الأردنيين وعليه فإننا نقول ان توقيت تنفيذ هكذا حملات واعتقالات جرت اليوم بحق أصحاب تلك البسطات جاء غير موفقاً خاصةً إذا ما علمنا ان إنتشار البسطات هي ظاهرة ليست جديدة إنما هي قائمة منذ عشرات السنوات ولم يتم ايجاد الحلول المناسبة لها.
وكلنا يعلم ويعي ان بائعي تلك البسطات ليس لهم شغل اخر او عمل يمكن ان يعوضوا من خلاله انتاجهم الذي توقف بسبب تلك الاجراءات وليس لديهم مصادر دخل اخرى ولا مدخرات مالية يمكن ان تسد رمقهم ورمق اسرهم ومن يتحملون مسؤولية اطعامهم لان عملهم يومي يعتمد على انتاجهم كل يوم وهذا يعني ان التوقف او الانقطاع عن العمل يوما واحدا يؤدي بالضرورة الى توقف مصدر الدخل الوحيد ، وما يترتب على ذلك من نتائج في غاية الصعوبة على أسرهم
يضاف الى ذلك ان جميع زبائن هؤلاء البائعين هم من المواطنين الذين لا تقل اوضاعهم المادية والاقتصادية صعوبة عنهم ، فهم يلجأون الى تلك البسطات لان اسعارها اقل بكثير من اسعار المحال الاخرى ويأتون اليها من كل مكان خاصة الارياف بحثا عن توفير ولو القليل من المال .
لا يمكن لاحد ان يؤيد الفوضى ولا التمرد على القوانين وتجاوزها لان في ذلك اذى للجميع لكن كان من الافضل قبل الشروع بازالة تلك البسطات والتحفظ إداريا على أصحابها اخطارهم وتنبيههم وتحذيرهم واخبارهم بعدم السماح لهم بالعمل بهذه الطريقة المتبعة لديهم واعطائهم مهلة زمنية مناسبة لترتيب اوضاعهم وتخصيص مكان اخر لهم وتمكينهم من الانتقال اليه للاستمرار في عملهم وعدم التوقف يوما واحدا عن العمل اذ لا يجوز الالقاء بهم في الشارع الى حين التوافق على ايجاد مكان يعملون فيه بنفس المهنة ويستطيع الناس الوصول اليه بسهولة .
كان من المفروض اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة قبل ازالة البسطات من اماكنها وفي مقدمة تلك الاجراءات ايجاد وتهيئة المكان المناسب للبائعين والانتقال اليه مباشرة او ايجاد عمل يستوعبهم ويؤمن لهم العيش والحياة الكريمة ويجنبهم التفكير في أي سلوك يتعارض مع النظام العام .
هذه القضية تحتاج الى معالجة هادئة وعقلانية ومتروية بعيدا عن العنف والصدام لان البسطة اولا واخيرا تعني فرصة عمل ومصدر دخل ووسيلة انتاج لمواطنين ليس امامهم أي افق او امل في الحصول على فرص عمل اخرى او بديلة تمكنهم من الاستمرار في تحمل مسؤولياتهم الاسرية واعباء الحياة التي لا تخفى على احد .
وأخيراً ومهما كانت المبررات التي استندت عليها وإليها الحاكمية الإدارية في محافظة إربد في تنفيذ تلك الحملات والاعتقالات بحق من يجاهد لتأمين لقمة العيش لأسرته نقول ان التوقيت غير مناسب بالمطلق في هذه الأيام التي يعيش فيها الاردنيون الفرح والبهجة والسرور بمكرمة سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه بإصدار قانون العفو العام.
ناشر ورئيس هيئة تحرير وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.