اختتام الجلسات التدريبية لبرنامج التغير المناخي في المراكز التابعة مديرية شباب محافظة إربد بالصور .. رئيس هيئة مديري جامعة جدارا يحضر احتفال السفارة الإسبانية بعيد بلادها الوطني المراشده يرعى بازارا لدعم السيدات في جمعية الطيبة الخيرية .. صور مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي العدوان والطبيشي نضال البطاينة يستقيل من الأمانة العامة لحزب إرادة بالصور .. 80 محاميا يؤدون اليمين القانونية أمام وزير العدل قرارات صادرة عن مجلس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها لقاء حواري لمناقشة تحديات وواقع قطاع الأشغال في مناطق عمان مجلس التعليم العالي يُقرر فتح القبول المباشر لطلبة التجسير في جامعتي الحسين بن طلال والطفيلة التقنية عميد كلية العلوم التربوية في جامعة جدارا تبحث خطط تطوير التعليم رئيس جامعة جدارا يشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي: حلقة الوصل في منظومة المياه والطاقة والغذاء والبيئة مساد يقرر تعيين الابراهيم شاغلاً لكرسي الالكسو للدراسات والبحوث التربوية قرارات جديدة لمجلس التعليم العالي بخصوص القبول المباشر الضمان الاجتماعي جسر الأمان واستشراف المستقبل في ظل 46 عامًا من العطاء الأردني رئيس جامعة جدارا يلتقي الهيئة التدريسية ويستعرض خطط النهوض الأكاديمي

القسم : منوعات
تاريخ النشر : 29/06/2024 8:49:31 AM
"حداء الإبل" .. لغة للتواصل بين الإبل وأهلها ضمن التراث الثقافي غير المادي السعودي
"حداء الإبل" .. لغة للتواصل بين الإبل وأهلها ضمن التراث الثقافي غير المادي السعودي


الرقيب الدولي -

عمان 29 حزيران (بترا/فانا) -إعداد: فهد العواد ومسعود المسردي- حضرت "الإبل" في حياة إنسان شبه الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، ولم يستغنَ عنها حتى اليوم، فبعد أن كانت مظهراً لتميزه وثرائه، ومصدراً لرزقه وعطائه وأداة لسفره وترحاله، أضحت أيقونة ورمزاً من رموز تراثه الأصيل المستمد من تاريخه التليد.
ووفقا لبيان صحفي صادر عن اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)، ضمن التقرير الثقافي الدوري للدول الأعضاء في الاتحاد، وأعدت التقرير وكالة الأنباء السعودية (واس)، نتج عن هذا التواصل الإنساني مع الإبل، فن شعبي جميل يتناقله المجتمع جيلاً بعد جيل يسمى "الحداء"، وهو نوع من الشعر الخفيف الذي يقال لتطريب الإبل، وحثها على السير بتعابير شفهية تقليدية تمكن الرعاة من مناداة إبلهم وجمعها والتواصل معها.
ويتوارث أبناء الجزيرة العربية "فن الحداء" للتواصل مع قطعان إبلهم من خلال بعض الأصوات والتعبيرات التي اعتادت الإبل على سماعها والاستجابة لها.
وبحسب المصادر التاريخية، فإن مضر بن نزار بن معد هو أول من (حدا) للإبل بعد أن سقط من بعيره وانكسرت يده وصاح بصوته (وايداه! وايداه!)؛ وكان حسن الصوت؛ فأصغت إليه الإبل وجدّت في السّير؛ ومن هنا بزغت فكرة استعمال الحداء لنداء الإبل، ويذهب البعض إلى أن هذه الهمهمات ساعدت الخليل بن أحمد الفراهيدي على اكتشاف مفاتيح العروض والأوزان الشعرية.
ويقال: إن بداية "الحداء" كان عن طريق التدوية أو الدوّاة، وهو نداء الإبل بصوت رفيع، وجاء في بعض معاجم اللغة أن راعي الإبل إذا أراد أن يستحث إبله لتجيء إليه مسرعة؛ زجل بصوته وغنّى لها بكلمات مثل .. هَيد هيد، أو: هي دو هي دو. أو: دوه دوه. أو: ده ده بضم الدال، أو: داه داه، وهذا ما زال مستعملاً إلى اليوم جنباً إلى جنب مع الرجز، ولم يلغ أحدهما الآخر، وهو يختلف من بيئة إلى أخرى.
ثم تطور الدُّوّاة من مجرد همس أو صوت أو مناداة على الإبل إلى غناء شعري له طرقه وأساليبه ومفرداته الخاصة، ودخلت فيه مع مرور الزمن المعاني والكلمات الشعرية المغناة، والأشطر الموزونة، فجمع عذوبة الصوت وسحر القافية المستمد من بيئة البدو وثقافتهم الأصيلة.
وما يُذكر في قوة تأثير الحداء في الإبل أن "أبا جعفر المنصور سأل حدّاءً، فقال له: ما بلغ من حُسن حدائك؟ قال: تُعطّش الإبل ثلاثاً فتُدنى من الماء، ثم أحدو فتتبع كلها صوتي، ولا تقرب الماء".
وقد أصّلت المعاجم العربية وأمهات كتب التراث العربي لـ "حداء الإبل"، كما تحتوي على كمٍّ هائلٍ من الحكايات والقصص والمرويات والأراجيز المرتبطة به، وحفظت كتب التراث الشعبي مجموعة كبيرة من المرويات الشفاهية لأحديات العرب المتأخرين على ظهور إبلهم وصهوات جيادهم.
ولعل من أحدث الكتب التي تناولت هذا الباب ديوان: "الرجز والحداء" الذي ألّفه الباحث في الموروث الشعبي إبراهيم الخالدي، ووثّق من خلاله رحلة الحداء الطويلة في تاريخ الأدب العربي؛ انطلاقاً من بدايته الأسطورية حتى عهد البداوة الأخير التي انتقل بها الحداء من الارتباط الوثيق بالإبل، إلى علاقة مميزة بالخيل وإن لم تنقطع صلته برفيقه القديم (الجمل).
وتؤكد هذه الدراسة تماهي "الحداء" الواضح مع بحر "الرجز"، وهذا البحر السهل أتاح الترنم بالحداء لغير الشعراء؛ حتى صار الحداء أغنية العرب جامعة. 
ولفت الخالدي في حديثه لوكالة الأنباء السعودية (واس) إلى أن وجود الحادي من أساسيات القوافل المرتحلة في الصحراء، وأهم أدوات الرعاة الحاذقين وأجمل فنون الغزاة المحاربين.
وقال إن "جرجي زيدان ذكر أن مقاطع الشعر المستعملة للحداء تشبه مشي الجمال الهوينا، ولو ركبت ناقة ومشت بك الهوينا لرأيت مشيها يشبه وزن هذا الشعر تماماً."
و"الحداء" أقرب ما يكون إلى النظم البسيط المكون من بيتين بقافيتين، وبصوت يردده اثنان، وأحياناً عندما تكون الدّلو التي يستخرج بها الماء من الآبار كبيرة جداً، يردده أربعة بصوت جهوري، يصل أحيانا في هدأة الليل أو الفجر إلى أماكن بعيدة، ولا يتقيد بلحن واحد، بل تتعدد ألحانه وطريقة أدائه من بيئة إلى أخرى، وتكون ألفاظه شجيّة، تخلب ألباب الإبل، ومعانيه ذات أبعاد تتعلق بشؤون حياة الرُّعاة اليومية، وتشمل كلمات الحداء الشعرية ببساطتها وخفتها وعدد كلماتها القليلة، التنظيم، والقوانين، وطرق السقاية، وأهداف الرحيل وحياة البادية عامة وما يجول في نفس الرُّعاة من هم وشجن.
ويؤكد رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لدراسات الإبل "ذود"، الدكتور محمد العتيبي: أن "الحداء كان معروفاً منذ العصر الجاهلي، وعادة ما يقال للإبل عند وردها إلى الماء، أو عند سيرها إلى المرعى أو أثناء الترحال من مكان إلى آخر، وهو عبارة عن ترنيمات قصيرة مؤثرة في جمع الإبل وسيرها وانتظام عودتها إلى مُرُحِها".
وللحداء مناسبات مختلفة فمنها: "حداء الرحيل"، و "حداء السفر"، وحداء سقي الإبل الذي يسمى "العوبال"، وهناك حداء الأوبة المسمى عند العامة "الهوبال" وهو خاص بجمع الإبل وسوقها إلى مرحها أو مكان رعيها، وهناك "حداء السواني" ويغنى للإبل التي تجذب الماء من البئر لتنشط في سيرها.
ولم يستطع الحَداء الاستمرار في لغته الفصيحة وفق ما ورد في كتاب "الحداء" للباحث محمد العجيري، خصوصاً بعد أن ترك اللغة من تمسكوا بلهجاتهم الجديدة المولّدة، فتحول الحَداء من اللغة الفصيحة إلى اللغات الدارجة لأهل الأمصار.
ويوضح المؤلف أن هذا الإرث لم يتم تأليفه من قبل مجموعة معينة من الأفراد، بل انتقل من جيل إلى جيل، وخضع للحذف والإضافة حسب الاحتياجات البيئية للأفراد المستخدمين له، حتى وصل إلينا على الشكل الذي هو عليه ولن يتوقف عن التعديل حتى يصل إلى مراحل التسجيل.
ومن أمثلة أحديات بدو الجزيرة العربية التي قالوها بلهجتهم العامية ما يسمى بالهوبال وهو ينقسم إلى حداء ورجز، فأما الحداء فهو الذي يغنى أثناء انتظار الدلو وهو يصدر من قاع البئر إلى حين الإمساك بها، ومن أمثلة ذلك قولهم: "سق القعود وهِمّه يسقي خواته وأمّه"، "الله عليك قليب يجمع خبيث وطيب"، "إن زولمن والتمن زهاب أهلهن تمّن"، "يا مرحبا وارحابي بأم السنام النابي"، يا شمّخ العشاير يا مجوزات الباير"، "صب القلص لشعيلة كم درهمت من ليلة"، "ملحا جليلة واخر وإن جاء الدَّحم تستاخر"، "يا مرحباً وأهليني بأم الدلال الزيني"، "برقٍ يلهله قبله ينبت شتيل وربله".
وأما الرجز فهو خاص بالإمساك بالدّلو وتفريغ الماء في الحوض ومن أمثلته قولهم: "يا غليّم رده يا غليّم رده" فإذا ارتوت الإبل وأرادوا أن يحثوها إلى مزيد من الشرب، قالوا: "يا الإبل واخذي علّة وقودي ويا قاك الله .. ياو - ياو".
وقد سجل فن "حداء الإبل" ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي السعودي في منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، كأبرز الموروثات التي ما زالت حية في التراث الشعبي.
وتحظى الإبل بمنزلة كبيرة في وجدان المجتمع العربي عامة والمجتمع السعودي على وجه الخصوص؛ بصفتها إحدى أهم موروثاته الثقافية، حيث تلقى اهتماماً من الدولة، التي اعتمدت بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود "نادياً للإبل" يعنى بكل ما من شأنه الاهتمام والحفاظ على موروث الآباء والأجداد، وترسيخ مكانتها في نفوس الأجيال الناشئة.
ولأجل هذا الارتباط الوثيق بين الثقافة المحلية والإبل؛ بادرت "وزارة الثقافة" بتسمية هذا العام 2024 بــ "عام الإبل"؛ باعتبارها قيمة ثقافية، وركيزة من ركائز الحفاظ على الهوية الوطنية الأصيلة، والتراث العربي الأصيل، وتعريف العالم كله بهذا المكون التاريخي الذي أصبح وجهة سياحية وثروة ثقافية وتراثية وسعياً منها إلى تحقيق العديد من المكتسبات في كل ما من شأنه الحفاظ على الموروث وتنميته بطرق مدروسة وبما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني.

التعليقات
شارك بالتعليق الاول للخبر
اضافة تعليق جديد

جميع الحقوق محفوظة لموقع وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية (2013 - )

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر

اطلع على سياسة الموقع الالكتروني