د.سناء عبابنه -
بعد صمود استمر لأكثر من عام ونصف، قدم فيه أهلنا في غزة بطولات شاهدت عليها البشرية جمعاء، حيث قضى العديد من الشهداء الأبرار دفاعًا عن أرضهم ووطنهم ومستقبل أبنائهم. هذا الصمود كان عنوانًا لثباتهم في وجه آلة الحرب والدمار التي استهدفت كل شيء في غزة. ومع تصاعد المعاناة، جاءت وساطات دولية للضغط من أجل وقف إطلاق النار، بهدف تمكين الضحايا من العلاج ووقف نزيف الدم المتواصل. وقد تمت الاستجابة لهذه الوساطات الدولية وتم الاتفاق على هدنة.
ومع دخولنا في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، ظهرت تصريحات جديدة مثيرة للجدل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طرح فكرة الاستيلاء على أراضي غزة والسيطرة عليها، بحجة إعادة الإعمار. ووفقًا لهذا الطرح، يسعى ترامب إلى تهجير سكان غزة وإخلائها من أهلها الشرعيين، وهو ما يتنكر تمامًا لحقهم التاريخي في الأرض، الذي دفعوا ثمنه غاليًا عبر الأجيال.
ترامب يروج لفكرة استقطاب مشاريع اقتصادية لتحسين مستوى معيشة الفلسطينيين وخلق فرص عمل، بينما يغفل حقيقة أن الشعب الفلسطيني في غزة لا يطلب أكثر من حقه في الحياة الحرة الكريمة على أرضه.
إن هذا الطرح يذكرنا بعنجهية القوة السياسية التي لا تستند إلى المنطق أو الحقوق التاريخية. فهو وبلل شك محاولة لإفراغ غزة من سكانها الشرعيين، وخلق واقع جديد يهدف إلى تغييب الحق الفلسطيني. لكن الحقيقة الثابتة هي أن أهل غزة سيبقون على أرضهم، ولن يستجيبوا لأي محاولات ضغوط أو إملاءات تهدف إلى تغيير الواقع الذي فرضوه بدمائهم.
غزة، التي علمت العالم معنى الصمود والثبات، ستظل تحتفظ بهويتها الوطنية وترابها المقدس.
عبر تاريخها الطويل، قدمت غزة الشهيد تلو الشهيد في معركة التحرر، ولن يثنيها أي طرح سياسي عن مواصلة نضالها من أجل حقوقها المشروعة. إن هذه الأرض هي رمز لثبات الشعب الفلسطيني وإصراره على مقاومة محاولات التغيير أو التفريط في حقوقه.