د.أحمد الحياري -
هذا ليس سؤالا بل ورطة. فهل حقا ستتراجع الحكومة عن قرار الضريبة على السيارات الكهربائية؟
أما الإجابة فنعم. ولا. لكن المسألة في التوقيت. أما الآن فسواء هدد المستثمرون بالهرب من السوق الاردني، أو امتنع الناس عن شراء كل أنواع السيارات بشقيها التقليدي والكهربائية، فلن يدفع أي من ذلك الحكومة إلى العودة عن قرار رفع الضريبة على السيارات الكهربائية. إذاً متى؟
حتى موعد انكشاف الغمّة أعلن تجار المعارض اضرابا مفتوحا متوقفين فيه عن العمل حتى اشعار اخر احتجاجا على رفض حكومة جعفر حسان التراجع عن قرار حكومة بشر الخصاونة رفع الضرائب والرسوم على المركبات الكهربائية.
تذكرون عندما رفعت حكومة رئيس الوزراء الاسبق عبدالله النسور الضريبة على السيارات الحديثة، كفّ الناس عن شرائها.
حينها، السوق تعطّل. أنّ التجار حتى صار لأنينهم صدى. شُلّ القطاع تماما. فقد عمد المواطنون إلى إعادة تدوير السيارات الموجودة أصلا في الأسواق. لم يعد أحد يشتري السيارات الحديثة. بل أكثر من ذلك كثير منهم ركن سيارته جانبا. ركنها وركن معها رغبته بشراء سيارة، حديثة كانت أم قديمة. هذا أسفر عن تحقيق عكس الهدف الحكومي من رفع الضريبة على السيارات الحديثة.
كانت الحكومة، حينها، ترى وتسمع. فلم يكن من بدّ من أن يتخذ النسور قرارات استدراكية متدرجة وهادئة تُبطل قراره برفع الضريبة على السيارات الحديثة. حين عادت الحكومة عاد السوق يتنفّس. وهذا تماما ما سيقع لسوق السيارات الكهربائية.
قبل أيام سمعت إشاعات تقول إن الحكومة ستتراجع عن قرار فرض ضرائب فلكية على السيارات الكهربائية. كان الامر مجرد اشاعات.
لقد وضعت السياسات الاقتصادية الحكومة أمام خيارين كلاهما أشد مرارة من صاحبه: إما أن ترفع ضريبة المبيعات والدخل، أو أنها ترفع الضرائب على السيارات الكهربائية، حتى "تقنّي" للناس للعودة إلى سوقها "السيارات تقليدية الطاقة".
على الطاولة كان السؤال حاضرا فاختار العقل الرسمي السيارات الكهربائية. لكن ليس هذا وحده السبب. الصراع الاقتصادي الامريكي الصيني ترجم نفسه على سوق السيارات الاردني بقسوة. لكن ليس هذا وحده. فهل كان لصندوق النقد دورا فيما يجري؟ هذا سيتكشف خلال مراجعات الصندوق المقبلة.
اذكر قبل شهر من إعلان القرار أبلغ بعض المطلعين على بواطن الامور تجارا أنْ استعدوا. فاستعدوا. قيل للتجار هناك هجمة مرتدة للحكومة على السيارات الكهربائية. فتموضع عدد من التجار استعدادا للقرار، وقاموا "بجمركة" ما لديهم من سيارات كهربائية.
نجا البعض وسقط الاخرون في الورطة. في أية حال. ما ستراه الحكومة بعيني رأسها، وسط الازمة الاقتصادية التي يعاني منها الناس أنهم سيقلعون عن شراء كلا السيارتين: التقليدية والكهربائية. وحين تدرك الحكومة انها بقرارها رفع الضرائب على السيارات الكهربائية انما اطلقت النار على قدميها ستتراجع.
لكن لم كل هذه الحلقة المفرغة. ألا تتعلم الحكومة من درس حكومات سابقة؟(عمون)