عمار محمد الرجوب -
في الذكرى السادسة والأربعين لتأسيس الضمان الاجتماعي في الأردن، نقف اليوم بكل فخر واعتزاز أمام صرحٍ وطني عظيم، شكّل على مدار عقود المظلة الحامية للأردنيين، العاملين منهم والمتقاعدين، موفرًا لهم الأمن والأمان في مختلف مراحل حياتهم. فقد رسخ الضمان الاجتماعي مكانته كأحد أركان الدولة الأردنية، ضامنًا استقراراً اقتصاديًا واجتماعيًا لكل فردٍ تحت هذه السماء.
لم يكن إنشاء الضمان الاجتماعي مجرد فكرة إصلاحية، بل كان استجابةً لرؤية وطنية راسخة تبناها المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، الذي قال في إحدى خطبه: “الإنسان أغلى ما نملك”. لقد أتى الضمان الاجتماعي ليكون تجسيدًا لهذه العبارة الخالدة، حيث تمثلت فيه الرؤية الملكية الثاقبة لتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية لكل مواطن أردني، دون تمييز أو استثناء.
وفي عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، حفظه الله، واصل الضمان الاجتماعي تطوره واستمر في تقديم خدماته بشكلٍ متجدد، بما يواكب احتياجات العصر وتحدياته. فقد أكد جلالته في أكثر من مناسبة على أهمية التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، قائلاً: “نحن نسير في الأردن بخطى ثابتة نحو بناء مجتمع متماسك واقتصاد قوي، يحمي حقوق كل مواطن، ويضمن لهم حياة كريمة”. وبهذا، أصبح الضمان الاجتماعي أداة استراتيجية في تحقيق هذه الرؤية، بما يعزز مكانة المواطن ويضمن له حياة كريمة مستقرة.
إن ما يميز الضمان الاجتماعي أنه ليس مجرد صندوق مالي، بل هو مؤسسة تنبض بروح العطاء والتكافل، تلتزم بخدمة أبناء الوطن ورعاية مصالحهم في كل لحظة. لقد أثبت الضمان الاجتماعي خلال الأزمات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية دوره الفاعل في تقديم الدعم والمساندة، كحائطٍ دفاعي قوي في وجه التقلبات، خاصةً في الظروف الاستثنائية التي شهدها العالم مؤخرًا.
نحو مستقبل واعد للضمان الاجتماعي
وفيما نحتفل اليوم بذكرى تأسيس الضمان الاجتماعي، نلقي نظرة نحو المستقبل بثقة وتفاؤل. أمامنا فرص كبيرة لتحسين وتعزيز الدور الذي تلعبه هذه المؤسسة في حياة الأردنيين. فالتكنولوجيا والرقمنة تشكلان أدواتٍ حيوية للتطوير المستقبلي، حيث تسعى المؤسسة إلى تبني الحلول الرقمية لتسهيل وصول المواطنين إلى خدماتها، وتسريع الإجراءات وتبسيط العمليات، بما يتماشى مع تطلعات العصر.
وفي ظل التحديات العالمية التي تواجه أنظمة الحماية الاجتماعية، مثل شيخوخة السكان وتغير طبيعة سوق العمل، يبرز الضمان الاجتماعي كأداةٍ ضرورية لمواجهة هذه التحولات. تسعى المؤسسة إلى التكيف مع هذه التحديات من خلال ابتكار سياسات جديدة تشمل جميع فئات المجتمع، مع التركيز على العدالة الاجتماعية والشمولية، لضمان أن تشمل المظلة الجميع، بمن فيهم العاملين في القطاعات غير الرسمية وأصحاب الأعمال الصغيرة.
كما أن التنمية المستدامة تمثل أحد محاور الرؤية المستقبلية للضمان الاجتماعي، حيث يتم العمل على تعزيز الاستثمار في مشاريع بنية تحتية مستدامة تعود بالنفع على الأجيال القادمة. تسعى المؤسسة إلى أن تكون ركيزة دائمة للأمان الاقتصادي والاجتماعي للأردنيين، لا سيما في الأوقات العصيبة، مع الحفاظ على القدرة على النمو ومواكبة التحديات المتجددة.
إن النجاح الذي حققه الضمان الاجتماعي خلال السنوات الماضية هو دليل واضح على التزامه العميق تجاه خدمة المواطن وحماية حقوقه. ومع تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ستتمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها المستقبلية، بما يصب في مصلحة الأجيال الحالية والقادمة.
الاستمرار في حماية الأردنيين تحت مظلة الضمان
إذ نحتفل بمرور 46 عامًا على تأسيس هذه المؤسسة الوطنية الرائدة، نتطلع إلى المستقبل بكل تفاؤل وثقة. الضمان الاجتماعي سيظل ركيزة أساسية في مسيرة البناء الوطني، مؤكدين أن هذا الصرح الوطني ليس فقط لحماية الحاضر، بل لضمان مستقبلٍ آمن ومستقر لكل مواطن أردني.
في النهاية، وكما قال جلالة الملك عبد الله الثاني: “الأردن قوي بأبنائه ومؤسساته”. ونحن اليوم أكثر قوة بوجود مؤسسة كالضمان الاجتماعي، التي ستبقى بإذن الله المظلة التي تحمي أبناء الوطن وتضمن لهم الأمان والاستقرار في حاضرهم ومستقبلهم
حمى الله الأردن، قويا منيعا عزيزا، في ظل الراية الهاشمية المظفرة، تحت قيادة عميد ال هاشم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الامين الحسين ابن عبدالله ، وأدامكم الله ذخرا و سندا للأمتين العربية والإسلامية..